حمل قوقل كروم لتصفح الموقع بشكل سريع

الخميس، 30 أكتوبر 2008

استعمال المياه الرمادية المنزلية للري في الزراعة الحضرية

المياه الرمادية هي أية مياه تم استعمالها في المنزل والتي تنتج عن جلي الأواني، والمغاسل، والاستحمام، والغسيل، فيما عدا المياه التي تحتوي على فضلات الإنسان الصلبة والسائلة والتي تسمى المياه السوداء.
 وتمثل المياه الرمادية حوالي 50-80% من مجمل المياه العادمة المنزلية، وهذه الكميات من المياه الرمادية يمكن إعادة استعمالها لأغراض متعددة وخاصة في ري بعض المزروعات.

 كان الاعتقاد السائد بين العديد من المهندسين العاملين في مجال المياه العادمة بأن خواص جميع المياه العادمة متشابهة. ولكن هذا غير صحيح حيث أن هنالك العديد من الاختلافات الهامة بين المياه الرمادية والمياه السوداء من حيث محتواها وتأثير كل منها على البيئة. كما أن هنالك دلالات علمية حول الحاجة إلى معالجة المياه الرمادية بشكل منفصل عن المياه السوداء وعدم خلطهما.
 إن تدوير المياه الرمادية بشكل آمن، واقتصادي، وفعال، ومناسب، يتطلب الأخذ بعين الاعتبار عوامل عديدة، كمصدر المياه الرمادية، والمواد الموجودة فيها، ومتطلبات كود البناء. وتؤثر جميع العوامل سالفة الذكر على تصميم نظام جمع ومعالجة المياه الرمادية ومدى جدوى إعادة استعمالها في نشاطات الزراعة الحضرية.
  • الاعتبارات الصحية لإعادة استعمال المياه الرمادية
"قد تحتوي المياه الرمادية على بكتيريا معدية"، هذه ناحية مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار بشكل دائم عند التعامل مع المياه الرمادية لأغراض الزراعة الحضرية. في الممارسات العملية، فإن الخطر على الصحة من التعامل مع المياه الرمادية قد ثبت أنه في حدوده الدنيا. فالمياه الرمادية بالنهاية هي المياه التي قد اغتسلت بها للتو أو تلك التي نتجت عن غسيل ملابسك التي كنت تلبسها في الفترة القريبة. وفي نفس الوقت ليس هنالك حاجة على الإطلاق أن يشتمل تصميم نظام استعمال المياه الرمادية على قنوات مفتوحة قد تشكل خطراً مباشراً على صحة الإنسان. 
  • يمكن تلخيص إرشادات استعمال المياه الرمادية في مبدأين رئيسين هما:
1) يجب أن تمر المياه الرمادية من خلال الطبقات العليا للتربة بشكل بطيء ليتسنى تنقيتها بشكل طبيعي؛
2) يجب أن يتم تصميم نظام فصل وإعادة استعمال المياه الرمادية بحيث لا يكون هناك تماس مباشر مع الإنسان قبل حدوث تنقية للمياه الرمادية.
  • التعامل مع المياه الرمادية
فيما يلي بعض الأمور الواجب التأكد منها عند التعامل مع المياه الرمادية في نشاطات الزراعة الحضرية:
1) يجب أن يعمل نظام الري بشكل فعال لتوفير كميات مياه كافية للنبات للتقليل من الفاقد من المياه نتيجة للتسرب العميق تحت منطقة جذور النبات؛
2) يجب أن تتم علمية تصفية للمياه الرمادية، ويمكن عمل ذلك من خلال استعمال مواد بسيطة كقطعة قماش أو كيس نايلون مثقب لحجز المواد العالقة كالشعر وغيرها؛
3) يجب عمل صيانة دورية لنظام فصل المياه الرمادية للتأكد من أنه يعمل بشكل مناسب؛
4) يجب ملاحظة نمو النبات الذي يروى بالمياه الرمادية والتأكد من عدم وجود زيادة في الري أو جفاف، ويمكن الاستعانة بخبير زراعي للتأكد من عدم تأثر النبات بالمحتوى العالي للمواد العضوية في المياه الرمادية؛
5) يجب الاستعانة بالنشرات والخبراء لتحديد فيما إذا كانت المركبات المكونة لمنظفات الغسيل التي تستعملها تؤثر على النبات الذي تقوم بريه بالمياه الرمادية؛
6) يجب استعمال نظام الري بالفيضان (الغمر) أو بالتنقيط فقط لري الأشجار بالمياه الرمادية؛
7) يجب تحويل المياه الرمادية إلى نظام الصرف الصحي أو الحفرة الامتصاصية في حال احتواء الغسيل على فضلات أطفال أو ملابس مصبوغة.
  • فيما يلي بعض الأمور الواجب تجنبها عند التعامل مع المياه الرمادية:
1) يجب أن لا تشرب المياه الرمادية؛
2) يجب أن لا تستعمل المياه الرمادية التي تحتوي على فضلات من فوط الأطفال لاحتواء هذه المياه على البكتيريا الممرضة التي تشكل خطراً على الصحة والبيئة؛
3) يجب أن لا تستعمل المياه الرمادية التي تحتوي على مواد كيميائية خطرة كتلك المستعملة لغسيل السيارات وغيرها؛
4) يجب أن لا تخزن المياه الرمادية أكثر من الحاجة الضرورية لري النبات بشكل فعال. فالمياه الرمادية التي تخزن لوقت طويل قد تتحول إلى مياه سوداء وتشكل بيئة مناسبة لنمو وتكاثر البعوض وتكون لها آثار سلبية على البيئة والصحة العامة؛
5) يجب أن لا تستعمل نظام الري بالرشاشات للري بالمياه الرمادية؛
6) يجب أن لا تستعمل المياه الرمادية لري النباتات الجذرية كالجزر والليفية كالخس المزروعة للاستعمال البشري؛
7) يجب عدم إعادة استعمال المياه الرمادية إذا كان أحد أفراد الأسرة مصاباً بمرض معد كالإسهال أو الكبد الوبائي أو الأمراض الناتجة عن الطفيليات.
  • فوائد استعمال المياه الرمادية في الزراعة الحضرية
في كثير من الأحيان يبدو واضحاً لنا بأنه ليس منطقياً أن نقوم بهدر كميات كبيرة من مياه الشرب النقية لري المزروعات القادرة على النمو بقوة بمياه تحتوي على كميات قليلة من مزيج من المواد العضوية. فإعادة استعمال المياه الرمادية قد تشتمل على جزء من أو جميع الفوائد التالية:
1) التقليل من استعمالات مياه الشرب: في كثير من الأحيان يمكن للمياه الرمادية أن تشكل بديلاً لمياه الشرب، خاصة في المناطق التي تكون بحاجة لمياه ري، ويؤدي إعادة استعمالها إلى التوفير في قيمة فاتورة المياه؛
2) تقليل الحمل على الحفر الامتصاصية ومحطات معالجة المياه العادمة: يؤدي إعادة استعمال المياه الرمادية إلى تقليل الحمل على الحفر الامتصاصية وبالتالي زيادة فترة بقائها وقدرتها. وفي حالة وجود شبكات للصرف الصحي، فسيقل الجريان في أنابيب شبكة الصرف الصحي وبالتالي تعمل محطات المعالجة بفعالية أكثر وتقل تكاليف التشغيل؛
3) الفعالية العالية للتنقية: تتم تنقية المياه الرمادية لدرجة كبيرة جداً في الجزء العلوي من التربة مما يزيد في حماية نوعية المياه السطحية والجوفية الطبيعية؛
4) الأماكن غير المناسبة للحفرة الامتصاصية: في الأماكن التي تكون فيها التربة غير نافذة، يمكن أن يشكل إعادة استعمال المياه الرمادية حلاً جذرياً يتم الاستغناء من خلاله عن وضع حلول هندسية للحفرة الامتصاصية قد تكون مكلفة جداً؛
5) استعمال طاقة ومواد كيميائية أقل: إن إعادة استعمال المياه الرمادية سيؤدي إلى تقليل استعمال الطاقة والمواد الكيميائية نتيجة للتقليل في كمية المياه النقية والعادمة التي يحتاج كلاهما إلى ضخ ومعالجة. ويتضح هذا النوع من التوفير بصورة مباشرة للأشخاص الذين يقومون بتزويد الماء والكهرباء بأنفسهم. كما أن إعادة استعمال المياه الرمادية من قِبل الشخص لري أشجاره لابد أن تشجعه على الحد من استعمال المواد الكيميائية خاصة السامة منها أو استعمالها بأقل صورة ممكنة؛
6) تغذية مصادر المياه الجوفية: المياه الرمادية الزائدة عن حاجة النباتات تساعد في تغذية المياه الجوفية؛
7) زيادة نمو النباتات: تعمل المياه الرمادية على زيادة نمو النباتات في المساحات الخضراء حيث قد لا تكون مياه الري متوفرة أو كافية لري كامل المساحة؛
8) استصلاح الأرض واستخلاص مواد مفيدة من مواد كانت ستكون فضلات: قد لا يشكل فقد المواد المغذية من خلال طرح المياه العادمة المعالجة في الأنهار والمحيطات مشكلة، إلا أنه يعتبر شكلاً من أشكال "التعرية"، وبالتالي فإن استخلاص بعضاً من هذه المواد المغذية من مواد كانت ستكون فضلات من خلال إعادة استعمال المياه الرمادية في الزراعة يساعد بشكل كبير في المحافظة على خصوبة الأرض؛
9) زيادة الوعي والإحساس بأهمية دورة الطبيعة: إن إعادة استعمال المياه الرمادية سيزيد من قناعة المستفيد بمدى المسؤولية وبزيادة الوعي والاقتصاد في استعمال المياه وزيادة ثقافته باستعمال النواحي العلمية بالزراعة؛
محددات استعمال المياه الرمادية
قد يكون هنالك عدداً من الأسباب من الممكن أن تمنعنا من إعادة استعمال المياه الرمادية، أو أن تمكننا من إعادة استعمالها خلال أوقات محددة من السنة.
  • وفيما يلي استعراض لهذه الأسباب:
1) عدم توفر الحيز أو صغره: في بعض الأماكن قد تكون المسافة بين البيوت متقاربة جداً أو قد تكون حديقة المنزل صغيرة جداً أو غير موجودة أصلاً؛
2) صعوبة الوصول إلى أنابيب الصرف الصحي: في الحالات التي تكون فيها التمديدات الصحية موجودة تحت بلاطة خرسانية، قد يكون الوصول إلى هذه الأنابيب لفصل المياه الرمادية صعباً وغير مجدٍّ اقتصادياً؛
3) عدم ملائمة التربة: قد تعوق التربة ذات النفاذية العالية أو غير المنفذة من الاستفادة من إعادة المياه الرمادية أو قد تتطلب زراعتها استصلاحاً قد يكون مكلفاً؛
4) عدم ملائمة المناخ: قد لا تكون المناطق الرطبة جداً مناسبة لإعادة استعمال المياه الرمادية للري لعدم توفر أولوية واهتمام من قِبل قاطني هذه المناطق، كما قد تعوق المناطق الباردة جداً التي تصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي من التمكن من إعادة استعمال المياه الرمادية بشكل مستمر طوال العام؛
5) عدم كفاية المياه العادمة لإتمام التدفق في أنابيب الصرف الصحي: إذا تم إعادة استعمال كل المياه الرمادية، فمن الممكن أن يصبح التدفق في أنابيب الصرف الصحي أحياناً أقل من التدفق التي صممت عليه هذه الأنابيب وغير كافٍ لتنظيف الفضلات الصلبة في شبكة الصرف الصحي؛
6) النواحي القانونية والتشريعات: ما تزال النواحي القانونية والتشريعات المتعلقة بإعادة استعمال المياه الرمادية في مناطق كثيرة من العالم غير واضحة المعالم حتى في الدول المتقدمة. إلا أن هناك توجهاً عاماً لدى السلطات الرسمية نحو تقليل الارتياب الذي يحيط بإعادة استعمال المياه الرمادية، والذي يواكبه زيادة في الخبرات والتطوير والتحسين في أساليب وأنظمة إعادة استعمال المياه الرمادية.
7) النواحي الصحية: تعتبر النواحي المتعلقة بالصحة العامة السبب الرئيس للإبقاء على عدم قانونية إعادة استعمال المياه الرمادية في العديد من المناطق. إن الخطر على الصحة العامة الناجم من إعادة استعمال المياه الرمادية في الممارسات العملية ليس له أثر يذكر شريطة الالتزام بالأسلوب العلمي المتبع وأن يكون لدى المستفيد معرفة وخبرة كافية في كيفية التعامل مع المياه الرمادية، حيث لا توجد هنالك وثائق لغاية الآن تفيد بأن أناساً قد أصيبوا بالمرض بسبب المياه الرمادية رغم احتمال احتواء الأخيرة والتربة على بكتيريا ممرضة، وكانت التوصية: "عدم أكل القاذورات وحدها وعدم أكل تلك المخلوطة بالمياه الرمادية!!!"؛
8) عدم وجود جدوى اقتصادية: في بعض الأحيان، خاصة تلك التي تتطلب إجراءات قانونية معقدة وأنظمة فصل غالية الثمن لإعادة استعمال المياه الرمادية، التي تكون فيها التكلفة أكثر من الفائدة يتم الاستغناء عن فصل المياه الرمادية وإعادة استعمالها؛
9) عدم الملائمة: العديد من أنظمة فصل المياه الرمادية الموجودة حالياً إما عالية التكاليف أو تتطلب جهداً ومتابعة حثيثة أكثر من الحفر الامتصاصية أو أنظمة الصرف الصحي التي تعمل بشكل اعتيادي. وتؤدي مثل هذه الأمور إلى عدم ملائمة فصل المياه الرمادية خاصة في حال عدم وجود شخص في المنزل شبه متفرغ لمتابعة أمور الصيانة لنظام فصل ومعالجة المياه الرمادية، وهذه الحالة تكون شائعة على الأغلب في المدن حيث تكون ربة المنزل عاملة، وهذه أحد الأسباب لكون المناطق الريفية تكون في الغالب أكثر ملائمة لتركيب نظام فصل للمياه الرمادية منها في المدن. إلا أنه يمكن استعمال المياه الرمادية في الزراعة الحضرية بنجاح من خلال التركيز على المناطق الحضرية المحيطة بمركز المدينة (أطراف المدينة).

0 commentaires: