يتصدّر موضوع القيم مكاناً رفيعاً في حياتنا العامة: في أحاديثنا وفي جوانب سلوكنا اليومي, كما يشغل مساحة كبيرة في الدراسات الاجتماعية والثقافية وخاصة في الدين والفن والعلم والفلسفة وسواها.
القيم الإسلامية هي وسيلة الإنسان لبناء و تطوير نفس و ذات الإنسان، فبدون القيم و المبادئ لا يكون للإنسان أهمية و شان، ولا تنظر في أموره و اقتراحاته.
فإن القيم و المبادئ الإسلامية هي أسمى القيم و أكملها و أرقاها لتطوير الإنسان و علو شأنه بين أفراد مجتمعه، و لكن هذا لا يعني أن نتمسك بما يعجبنا من هذه المبادئ و نتخلى عن الأخرى، فيقول من لا يتمسك بكامل القيم الإنسانية: " إني لا أحترم ولا يؤخذ برأيي بين أفراد مجتمعي ؟! "، فكيف يقول الناس ذلك و هم في الأصل غير متمسكين بكامل القيم الإسلامية، بل إن بعضهم يقول : " إن القيم الإسلامية من أساسيات التخلف "، و لكن هذا غير صحيح لأن الدين الإسلامي انتشر في مختلف بقاع العالم بسبب القيم و المبادئ الإسلامية التي يدعو إليها.
فلنتمسك بالقيم و المبادئ الإسلامية لتطوير مجتمعاتنا و لنسير على خطى أوائل المسلمين.
إذا كان المجتمع الدولي في القرن العشرين قد حقق للعالم سيادة الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الحضارية، فإن المجتمع الدولي في القرن الواحد والعشرين أخذ ينحدر إلى منعطف خطير قد يفضي إلى تكريس نزعة الارتداد عن الديمقراطية، والاستخفاف بحرمات حقوق الإنسان وجميع القيم الحضارية التي أعلنتها الأمم المتحدة في مواثيقها وإعلاناتها واتفاقياتها وأصبحت تراثا مقدسا للبشرية وملكا مشاعا بين فصائلها.
لم يكن أحد يتوقع أن يتعثر سير هذا النظام في بداية القرن الحاضر، بل كان يُنتظَر أن يتابع مسيرته ويُعمِّر طويلا لأن العالم قطع أشواطا شاسعة في مسيرة التقدم الحضاري وخاصة على صعيد سيادة مبدأي المساواة والعدل. وبهما يستقر السلام العالمي وتندحر نزعة اللجوء إلى الحروب التي كانت غالبا ما تشن لفائدة اكتساب منافع توسعية يطمع فيها الأقوياء ويمتصونها من دماء وجلد الضعفاء كما جرى في عهد سيادة الأمبرياليات الاستعمارية البائدة.
أما المجتمع الدولي المعاصر للقرن الحادي والعشرين فمطلوب منه أن يتحمل مسؤولياته التاريخية لحماية مبادئ وأخلاقيات النظام العالمي من العبث بها والخروج عن نهجها، وأن يقف صفا متراصا لإنقاذ النظام العالمي من الوقوع في هوة التردي الذي يهدد وجود التراث السياسي الحضاري الموروث عن القرن الماضي: قرن الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القيم الحضارية.
وسيكون المجتمع الدولي الراهن ـ إذا ما وقف موقف التخاذل عن نصرة هذه المبادئ ـ مسؤولا عن صمته وتقاعسه. وسيسجل عليه التاريخ أنه كان المسؤول الأول عن بُزوغ عهد الردة الديمقراطية وانتكاسة حضارة الإنسان السياسية، وأُفول عهد الازدهار السياسي الحضاري، وأنه كان أسوأ خلف لخير سلف.
وفي طليعة القيم الاجتماعية تأتي القيم الوطنية التي علينا أن نركز عليها, وخاصة في المرحلة الراهنة, فهي التي تمثل الجانب المهم من ذاتيتنا ومن تفكيرنا ومن تطلعاتنا. وحين يعي الإنسان قيم مجتمعه ينشط للحياة ويحسن منه السلوك ويتقن العمل لا مجرد وسيلة للارتزاق بل خدمة اجتماعية يجب أداؤها بأمانة ليزدهر المجتمع الذي هو منه. وإن في وعيه لحقيقة مجتمعه وعيا لوحدة الاشتراك في الحياة ضمن الوطن, أي ضمن المتحد الاجتماعي الذي اكتسب شخصيته عبر الأجيال. هو وعي لمطالب هذا الوطن ومعالجته وهو الابتعاد عن كل ما يؤذي وحدته وإذ يضع المواطن مصلحة وطنه فوق كل مصلحة, فإنه ينزله في نفسه منزلة القدسية. فكل اعتداء عليه اعتداء على أبناء الوطن جميعهم دون استثناء, وكل اقتطاع لجزء من أجزائه, مهما كان صغيراً, يعني تحطيم المتحد في أهم ركائزه يعني بالضرورة تحطيم الإنسان.
0 commentaires:
إرسال تعليق