حمل قوقل كروم لتصفح الموقع بشكل سريع

الجمعة، 16 مارس 2012

إقتصاد الريع في المغرب

إقتصاد الريع هو كل تحصيل للأرباح بطريقة غير صحيحة، معتمدا عى أداة من أدوات الفساد، وهو في آخر الأمر انتقاص من الرأسمال الوطني وليس زيادة فيه، وهو بذلك أيضا يخلق خللا في في آليات التنافس وتطوير الثروة الوطنية.

من ذلك مثلا، عائدات النفط، التي، إذا استهلكت مباشرة، تعد ريعا، لأن من المفروض أن تمر عبر قنوات سليمة لتتحول إلى رأسمال حقيقي ملموس. 

وقد انتبهت بعض الدول العربية الغنية بالبترول أخيرا وحاولت أن تحول جزءا من مداخيل النفط إلى استثمار، لكنه لا يتجاوز المجال السياحي أو شراء أسهم الشركات الكبرى، وقد تكون الجزائر أكبر دولة تعيش عل اقتصاد الريع بشكل فظيع، وستكون المصيبة عظيمة بعد 2075 حين ينضب النفط والغاز، وتجد هذه الدولة نفسها أمام اقتصاد مشلول لا يستطيع الوقوف على رجليه، والجزائريون يشترون اليوم كل شيء من الخارج، ويدعمون الكثير من المواد لتجنب الاحتقان الاجتماعي، لكن إلى متى؟

لكن اقتصاد الريع في المغرب هو الذي يهمنا في هذا المقال، لأنه لا يعتمد على البترول وإنما على أدوات ملتوية غريبة أحيانا. 

خذوا مثلا رخص النقل، ستجدون أن أرباحا كبيرة تجنى باطلا دون وجود مبرر اقتصادي، ما معنى رخصة النقل أو المقلع أو الصيد أو غيرها؟ هو إجازة قانونية من الدولة لبعض الناس في كراء هذه الرخص للفاعلين في هذه المجالات مقابل أجر شهرى أو سنوي، دون أن يقوم هؤلاء بأي جهد استثماري. تصور أنك تمتلك عمارات بها مئات الشقق، فتأخذ مقابل الكراء دون أن يسكن الناس بل دون أن تكون هذه الشقق موجودة بالفعل، هذا هو المقابل لريع الرخص.

لن نتكلم عن المخدرات وطريقة تبييض أموالها أو التهريب أو غيره فعلى الأقل نجد هناك مجهودا ما يبدل من طرف هؤلاء المخربين(نسميه المخاطرة)، لكن التخريب الأكبر هو الذي يأتي من اقتصاد الريع، مداخيل خيالية مقابل مجهود صفر ودون أدنى مخاطرة.
وستكون التقاليد المخزنية القديمة هي السبب في هذا الوضع، فقد كان الجنود تؤدى أجورهم بإقطاعات أرضية سميت في ما بعد أراضي الجيش، واستمر هذا الأمر إلى اليوم مع بعض الموظفين الذين تؤدي لهم الدولة أجورا زهيدة ويترك لهم المواطن يصنعون به ما شاؤوا لاستكمال الأجر الشهري الملائم، مثل حالة المقدمين والشيوخ وغيرهم.

الرشوة هي شكل ملتبس من اقتصاد الريع، لأنه انتقاص من أجور الموظفين والعمال والفلاحين مقابل خدمات غير مؤدى عنها في الأصل، مما يخلق خللا في المعادلة العويصة: المجهود المبدول=قيمته، وهكذا نجد بعض المسؤولين بسيطي الأجر في الأصل، يحصلون أجورا تمثل أكثر من عشرة أضعاف الأجر الحقيقي، وكلما كان الفساد متسعا كانت هذه الحالة أوسع. 

اقتصاد الريع إذن موضوع شائك معقد يقتضي صرامة وحزما في التعامل معه، لأن فطم الفساد قد يقتلع الجذور، فهل نمتلك الكبد القادر على اقتلاع الجذور، الخوف أن يكون من يحاول اقتلاع الجذور متجذرا هو أيضا في اقتصاد الريع؟

0 commentaires: