لا يمكن تحقيق أهداف التنمية القروية المستدامة، دون الاعتراف بأهمية المرأة القروية و مساهمتها الفعالة، هذه حقيقة لا يستطيع أحدا أن ينكرها خاصة و أن المرأة تشغل في العالم القروي مكانة هامة في المسار الإنتاجي بصفتها امرأة و بصفتها مزارعة أو حرفية أو تاجرة أو عاملة أو مستعملة للمواد الطبيعية. ففي عالم يعاني من تفشي الفقر، و انعدام الأمن الغذائي، و تزايد الهجرة القروية، و تدهور الأحوال البيئية، ما زالت المرأة القروية توفر الغذاء لأسرتها على الرغم من إمكانيتها المحدودة في الحصول على الأرض، و الائتمان، و التموين، و التقنيات، و التأهيل و التواصل.
إلا أن المرأة في جميع الدول النامية تعاني من تفاقم الهوة بين ما تقوم به من دور الإنتاج و التأمين الغذائي و بين المكانة التي تتبوؤها في المجتمع والنسيج الاقتصادي، و هذه الوضعية راجعة إلى:
تراكم و تفاعل التصورات التي قزمت أدوار المرأة في الوظيفة المنزلية و الإنجابية و تجاهل المهام و المسؤوليات التي تقوم بها.
اتسام البرامج الموجهة للمرأة بالارتجالية و القطاعية.
اختزال مساهمات المرأة من طرف المفاهيم، أدوات العمل و مناهج التحليل و بصفة عامة الإستراتيجية الموجهة للمرأة.
و أمام تفاقم هذه الوضعية فإن هناك محاولات في جميع البلدان للنهوض بالمرأة كشريك أساسي في التنمية و ذلك ب:
إبراز المساهمة الحقيقية للنساء في الوسط القروي و إعادة قراءة الواقع بالقيام بالدراسات الميدانية الموجهة للمرأة.
إعادة النظر في التصورات و المفاهيم و الإستراتيجية. ولقد فرضت هذه التوجهات من خلال التحديات التي أصبح العالم يعيشها والتي لخصتها الأهداف الألفية المراد تحقيقها.وكذلك لأن تعزيز مكانة المراة، رهين بإيجاد طرق لتحقيق وعيها الغذائي.
- I . دور المرأة القروية المغربية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالعالم القروي :
في المجال القروي المغربي، تشكل المرأة قوة فاعلة هامة على مستوى الشغل و الإنتاج و تساهم بشكل كبير في المدخول العائلي من خلال الأنشطة الفلاحية و شبه الفلاحية التي تقوم بها. ان جرد لهذه الأدوار يبن مدى أهمية دور المرأة في تحقيق الأمن الغذائي لأسرتها ولمحيطها المحلي وكذا للأجيال المقبلة. و يمكن تلخيص هذه الأدوار في ما يلي :
التربية و الأشغال المنزلية.
إدارة المياه : فالمرأة غالبا ما تتحمل أعباء جمع المياه و استخدامها و إدارتها لتلبية احتياجات الأسرة.
الغابة / الموارد الطبيعية : المرأة هي العنصر الأكثر ولوجا للغابة و المستغلة الرئيسية لها فهي تتحمل القدر الأكبر من الأنشطة يمكن تلخيصها في :
- جلب حطب الوقود بحيث تعد من المهام الشاقة المكلفة من ناحية الوقت و العبئ.
- جمع العلف و رعي الحيوانات.
- استخدام الأعشاب الطبية.
الأعمال الفلاحية : هناك زراعات تعتمد أكثر على عمل النساء كيد عاملة أسرية أو مأجورة تتجلى في الميادين التالية :
- الحبوب ، البقوليات ، المزروعات الكلئية : القلع اليدوي للطفيليات ، الحصاد ، النقل و التخزين .
- الأشجار المثمرة : فهي تساهم بجانب الرجل في جمع الثمار ) الزيتون ، اللوز ، التين ......( جني ، نقل ، تخزين ، تحويل و تجهيز الثمار إلى مواد صالحة للتسويق و الاستهلاك .
- تربية الحيوانات : فهي تقوم بالجزء الأكبر من :
- أنشطة تربية الحيوانات كالرعي ، الرعاية ، التنظيف ، التغذية و جلب الكلأ.
- تحويل المنتجات الحيوانية لاستهلاك الأسرة أو التسويق.
- المحافظة على الموارد الوراثية : تكتسب المرأة القروية خبرة و معرفة بالمحافظة على الموارد الوراثية و ذلك بحكم
- مسؤوليتها في الإنتاجين الحيواني و النباتي .
- تحويل المنتجات الزراعية إلى مواد صالحة للاستهلاك الأسري .
- العناية بالبذور و خزنها ) تنقية البذور تعد من اختصاص النساء و يتم نقل الخبرات من جيل إلى آخر( . - المحافظة على العادات الغذائية للمنطقة و كذلك المعالجة المحلية بالأعشاب الطبية الموجودة.
- II (المشاكل و الإكراهات التي تعاني منها المرأة القروية :
رغم هذه الأدوار التي تقوم بها المرأة في مسلسل التنمية فإنها لا زالت رهينة لعدة إكراهات هيكلية ، اقتصادية ، اجتماعية ، و مؤسساتية ، و تتجلى هذه المشاكل في :
- 1 - IIضعف التمدرس و تفشي الأمية :
الفتيات اللواتي يتراوح عمرهن ما بين 8 و 13 سنة لا يذهبن للمدرسة و ذلك راجع لعدة عوامل :
- سوسيو ثقافية : العقلية الذكورية .
- سوسيو اقتصادية : يد عاملة مجانية .
- ضعف البنيات التحتية : انعدام أو بعد المؤسسات التربوية .
- 2 - II ضعف التأطير الصحي :
- انعدام أو بعد المراكز الصحية .
- النقص في المعرفة الصحية و اللجوء إلى المعالجة بالطرق التقليدية مما يترتب عنه :
- كثرة الولادات .
- الوفيات عند الأمهات أثناء الولادة و الأطفال عند الولادة .
- حاجز التغيير.
- 3 - II ضعف حقوق الملكية :
- قلة النساء اللواتي يملكن الأراضي المنتجة.
- المرأة غالبا ما تكون مستغلة منها مالكة.
- التخلي عن حقها في الملكية وحق القرار لفائدة الرجل ودلك راجع ل:
- التقاليد العائلية.
- القيم الاجتماعية السائدة .
- 4 - II صعوبة الحصول على القروض و الولوج إلى مصادر التمويل :
- انعدام الضمانات و الشروط التي تفرضها مؤسسات القروض الراجع إلى الضعف في حقوق الملكية .
- عبئ العادات و التقاليد ، فالقيام ببعض العمليات المالية رهين بموافقة الولي.
- تعقيد الإجراءات الإدارية و صعوبة نظام الضمانات .
- ضعف التأطير للإبراز و تشجيع النساء الحاملات للمشاريع.
ضعف أنظمة للقروض الصغرى الملائمة للأوضاع الصعبة للمرأة القروية.
- 5 - II ظاهرة الفقـــر:
ان شريحة مهمة من النساء القرويات تعيش ظاهرة الفقر يزيد من تفاقمها مايلي :
الافتقار إلى الموارد و الخدمات الإنتاجية و عدم التحكم فيها.
الأمية المتفشية .
الهجرة القروية عند الرجال تزيد من عبئ الأعمال و المسؤوليات الملقاة على المرأة بشكل يتجاوز طاقتها و قدرتها الطبيعية. مما يترتب عنه نساء و فتيات يعشن غالبا تحت عتبة الفقر ، مما يأثر سلبا على وضعية المرأة . وتتسم هذه الوضعية بأشكال التهميش ولإقصاء تتجلى في :
- إبعادها عن كل ما هو تأطير أو تفكير في المشاريع .
- سهولة الانهيار الأسري ) ميزانية الضيعة ( و التعرض إلى الهجرة .
- الابتعاد مما هو رسمي أو إداري .
- سهولة التخلي عن ممتلكاتها .
- سيطرة العقلية الذكورية .
- سهولة تعرضها للاستغلال.
- 6 - II ضعف الاستفادة من التكوين و الإرشاد :
ان المرأة القروية تعاني من ضعف التأطير وذلك راجع الى :
- ثقل عبئ الأعمال التي تقوم بها المرأة يحد من مشاركتها في برامج التحسيس و التأطير و التكوين.
- عدم تزامن و تلاءم برامج الإرشاد مع جدول أعمال النساء .
- تقوقع المرأة داخل المنظومة الاجتماعية و عدم إقبالها على الإرشاد.
- توجه برامج الإرشاد في غالبيتها للرجال و نادرا ما تهتم بالمرأة و احتياجاتها.
- العادات و التقاليد التي تحد من حركية النساء للاستفادة من الدورات التكوينية خارج مجالها القروي .
- النسبة المرتفعة من الأمية تزيد من إقصاء النساء من دائرة الحصول على المعلومات .
- 7 - II صعوبة تسويق المنتجات النسائية :
من العوائق التي تحد من اندماج المرأة في النسيج الاقتصادي صعوبة الولوج الى الاسواق وذلك راجع الى :
الافتقار إلى المعار يف و المهارات في مجال التسويق .
العادات و التقاليد التي تحد من حركية النساء .
هشاشة البنيات التحتية التي تزيد من صعوبة الحصول على عوامل الإنتاج و التسويق.
- 8 - II ضعف تنظيم المرأة القروية و إقصائها من دوائر القرار :
في المجال المؤسساتي والتنظيمي تعاني المرأة من عدة مظاهر منها :
- قلة تمثيلها في التنظيمات المهنية و الجمعوية و في مراكز القرار.
- عدم مسايرة تطور العمل الجمعوي النسوي في المجال الحضري بالمقارنة مع المجال القروي .
- انخراط المجتمع المدني في إشكالية المرأة الحضرية على حساب المرأة القروية. و هذا راجع إلى عدة عوامل منها :
- افتقار المرأة للوقت اللازم للمشاركة كعضو نشيط ) أعباء العمل -*لمنزلي و رعاية الأطفال ( .
- عدم الإحساس بأهمية التنظيم .
- الذاكرة الجماعية تكرس ارتباط أي تنظيم بمشروع مدر للدخل . عدم مسايرة الإجراءات الإدارية و القانونية لخلق جمعيات أو تعاونيات لتفشي الأمية في أوساط النساء.
- صعوبة التنقل و قلة التجربة في التعامل مع الجهات الرسمية .
رغم معرفة المرأة القروية بالتكنولوجيا التقليدية فإن التنمية التكنولوجية قد أغفلت احتياجاتها و أولوياتها مما تسبب في الحد من إمكانية حصولها على الموارد و الأنشطة المدرة للدخل . و بالتالي إفادتها في أنشطتها الإنتاجية و الإنجابية .
0 commentaires:
إرسال تعليق